للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بديلًا عن حكم الله، والرابع: أن لا يرضى بحكم الله، فإذا تمت هذه الشروط صار حينئذٍ خارجًا عن الملة.

فإذا حكم بغير ما أنزل الله وهو لا يعلم بحكم الله، فإنه لا يكفر؛ لأن من شرط الحكم بالكفر أن يكون الإنسان عالمًا به، فكيف إذا حكم بتأويل ممن حرَّف الكلم عن مواضعه من علماء السوء؟ فيكون هذا أشد عذرًا له وأبعد عن تكفيره.

وإذا قال: هو يعلم بحكم الله، وهو راضٍ بحكم الله لكنه يرى أنه لا يصلح في هذا الوقت مثلًا، قلنا: هذا كفر؛ لأن الشريعة الإسلامية باقية إلى يوم القيامة، فإن الذي شرعها علم -عزّ وجل- بما يُصلِح الخلق، وعلم أن محمدًا خاتم النبيين، ولا بد أن تكون شريعته صالحة لكل زمان ومكان إلى آخر الدنيا، لكن يجب أن يُعَلَّمَ أولًا؛ لأنه قد يُلَبَّسُ على بعض الحكام ممن لا يعرف أحكام الشريعة فيأتيه جلساء السوء وقرناء السوء ويقولون: هذا يحتمل التأويل ويحتمل كذا، ويحتمل كذا، ثم يوردون العبارة المشهورة القيمة: "الشريعة الاسلامية جاءت بجلب المصالح ودفع المفاسد" ويتراءى لهم أن هذا الشيء صالح ثم يقولون للولاة: اجعلوه سنة واجعلوه نظامًا، مع أنَّ الإنسان قاصر النظر، قد يبدو له في هذه الحال أنه صالح لكن عواقبه فاسدة، فمتى علمنا أن الله حرم هذا الشيء أو أوجب هذا الشيء علمنا أن النتائج المثمرة في الواجب معلومة ولكنها قد تكون مجهولة لنا، معلومة في المآل، وكذلك المفاسد التي فيما حرم الله، قد لا تكون معلومة لنا في الحاضر لكنها تُعْلَمُ في المآل.

<<  <  ج: ص:  >  >>