للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو المجني عليه فظاهر؛ لأنه أحسن إلى أخيه وتصدق عليه بأعز شيء عليه وهو نفسه إذا كان ذلك بالنفس، وأما كونه كفارة للجاني؛ فلأنه سلم نفسه بسهولة فيكون تسليمه نفسه ليقتص منه كفارة لجريمته وجنايته ولا يعاقب به؛ إذ لا يجمع الله تعالى على الإنسان عقوبتين، عقوبة الدنيا والآخرة.

وقوله: {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} أي: للمتصدق؛ سواء كان المجني عليه أو الجاني، والكفارة: مأخوذة من الكَفْر وهو الستر؛ لأن الشيء إذا غطى آثار شيء آخر صار كالساتر له، ولذلك كان لليمين كفارة، وكانت للظهار كفارة، وكان للقتل كفارة؛ لأن الكفارة تستر ما يحصل من آثام الذنوب وتمحوها.

قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} نقول في هذه الجملة كما قلنا في الجملة الأولى: هل المراد من لم يحكم بما أنزل الله من اليهود أو هو عام؟ في هذا قولان للمفسرين كما تقدم:

منهم من قال: إنها في اليهود؛ لأن سياق الآيات فيهم، وعلى هذا القول يمكن أن يلحق بهم من فعل ذلك من المسلمين بطريق القياس.

القول الثاني في المسألة: أن الآية عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو ظالم سواء كان من المسلمين أو كان من اليهود أو من غيرهم، وهذا يساعده اللفظ، والأول يساعده السياق؛ لأن الله تعالى قال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} فالكلام عن اليهود، ولكن الحكم في الحقيقة لا يختلف فيمن لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين؛ لأننا نقول: إن شمله اللفظ فقد شمله

<<  <  ج: ص:  >  >>