للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة، وقد ذكر بعض العلماء أن اليهود يفرض عليهم القصاص، فالقصاص فرض عليهم، والنصارى بالعكس العفو فرض عليهم حتى قيل: إن من أصول شريعتهم: أن من ضربك على الخد الأيمن فأدر له الخد الأيسر، ولا شك أن هذا فيه نوع من الإذلال، لكن على كل حال لا ندري عن صحة هذه المقالة، فالله أعلم، لكن يقال: إن اليهود يفرض عليهم القصاص بخلاف النصارى، والعلة واضحة؛ لأن اليهود عتاة طغاة بغاة، ولا يليق بهم إلا أن يقتل القاتل حتى يكون ذلك نكالًا.

الفائدة الثانية: قبح ما فعله بنو النضير مع بني قريظة، بنو النضير يرون أنهم أشراف اليهود، ولذلك إذا قتل النضيري قرظيًّا فإنه لا يقتل به، وإذا قتل القرظي نضيريًا فإنه يقتل به-سبحان الله- كلهم يهود لكن يقولون: بنو النضير أشرف وأفضل، وإذا قتل النضيري قرظيًّا فله نصف الدية إذا لم يقتص منه وإن كان العكس فله الدية كاملة، هكذا ذكر المفسرون في هذا الموضع، فبين الله تعالى أنهم جائرون بهذا الحكم وأن المكتوب عليهم في التوراة أن النفس بالنفس، فيكون المراد بالكَتْبِ هنا بيان كيفية القصاص لا وجوب القصاص، هذا الظاهر من السياق، وقيل: إن المراد أن الله فرض عليهم القصاص وأنهم إما أن يقتصوا وإما أن يعفوا.

الفائدة الثالثة: أن القصاص ثابت في النفوس ولو اختلف الناس في السن والطول والقصر والعلم والعقل والذكاء وغير ذلك، وجه ذلك: العموم، ولهذا لو أن رجلًا شابًا عالمًا كريمًا حسيبًا قتل طفلًا في المهد فإنه يقتل به؛ لأنه لا عبرة بالاختلاف في هذه الأشياء وذلك للعموم.

<<  <  ج: ص:  >  >>