قوله:{وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} معطوف على مصدقًا، ومصدقًا: هذه حال من الكتاب، فيكون الكتاب هو المهيمن.
قوله:{وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} أي: على ما بين يديه من الكتاب، ومعنى الهيمنة: قيل معناها: الشاهد، أي: شاهد عليه، وهذا فيه نظر؛ لأن شاهدًا يغني عنها مصدقًا، وقيل: الهيمنة بمعنى: السيطرة والحكم، أي: أنه حاكم على ما سبقه من الكتب مسيطرًا عليها وناسخًا لها، وهذا المعنى أصح؛ لأن القرآن مهيمن على كل الكتب السابقة.
قوله:{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} يعني: فبناءً على ذلك {احْكُمْ بَيْنَهُمْ} أي: بين أهل الكتاب وبين المسلمين.
وقوله:{بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} المراد به: القرآن، فإذا تحاكموا إلينا حكمنا بينهم بالقرآن؛ لأن القرآن مهيمن مسيطر على ما سبق، يعارِض ولا يعارَض، ويَحْكم ولا يُحْكم عليه.
قوله:{وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} الله أكبر هذا القول موجه من الله عزّ وجل إلى رسوله عليه الصلاة والسلام، مع أننا نعلم علم اليقين أنه لن يفعل ذلك، لكن ليعتبر الناس أنه إذا كان محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهاه ربه ومرسله عن اتباع أهوائهم عما جاءه من الحق، فكيف بغيره؟ وهنا قال:{وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} ولم يقل: شريعتهم أو نحوها؛ لأنهم على هوى وليسوا على هدى، فكفرهم بما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- عن هوى، ليس عن عقل ولا عن شرع.
وقوله:{عَمَّا جَاءَكَ} متعلق بمحذوف، والتقدير: عادلًا عما جاءك من الحق، وهذا أحسن من أن يقدر معرضًا عما جاءك لأن