للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقدير: معرضًا فيه شيء من الشدة، لكن عادلًا أخف، والمعنى واحد لكن ينبغي استعمال الألفاظ المناسبة.

وقوله: {عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} لم يقل عما جاءك أو عما نزل، بل قال: من الحق، ليتبين أن ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- حق لا يمكن العدول عنه إلى غيره.

قوله: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} {لِكُلٍّ}: يقول النحويون: إن التنوين هنا تنوين عوض، والتقدير: "لكل أمة جعلنا منكم أو لكل واحد"، المهم أن هذا التنوين عوض عن محذوف، أي: عوض عن كلمة.

وقوله: {جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} جعلنا أي: صيرنا شرعة ومنهاجًا، الشرعة: ما يشرع، وأصلها شرعة الماء، والمنهاج: ما ينهج، وأصله الطريق، فكل أمة لها شرعة تناسب حالها ومكانها وزمانها، ومنهاج تسلكه هذه الأمة إما الكفر وإما الإيمان، فالفرق بين الشرعة والمنهاج، أن الشرعة هي شريعة الله وهي ثابتة، والمنهاج هو التمسك بالشريعة وعدمه فهو سلوك المرسل إليه، ونهجه يعني: قد يؤمنون وقد يكفرون، ولهذا يقال: نَهَجَ فلان نَهْجَ فلان، أي: سلك مسلكه، كل أمة هكذا.

فشرائع اليهود والنصارى مناسبة لحالهم وزمانهم ومكانهم، وشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- مناسبة لكل أمة في كل زمان وفي كل مكان، فيكون قوله: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} بعد توحيد الشرعة والمنهاج يكون من باب إفحام الخصم، أي: أن هؤلاء الذين يقولون: إن شريعة محمد غير مقبولة لأنها تخالف شرائعنا، وغير صحيحة لأنها تخالف شرائعنا، نقول: أنتم لكم شرائع خاصة

<<  <  ج: ص:  >  >>