والسلام وفي "أَنِ" قراءتان: الضم والكسر "وأَنُ احكم" بالضم مراعاة لحركة الكاف، "وأَنِ احكم" بالكسر، كلاهما قراءتان سبعيتان، احكم بينهم إذا تنازعوا إليك، {بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ولا تحكم بما عندهم.
وقد سبق أن بني النضير يرون لهم الفضل على بني قريظة، حتى إنهم في الديات يجعلون بني قريظة على النصف من بني النضير، ويقولون: إذا قتل النضيري قرظيًا فإنه لا يقتل، وإذا قتل القرظي نضيريًا فإنه يقتل، يتحاكمون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا وأمثاله ويريدون منه أن يحكم به، ولكن الله تعالى نهاه عن ذلك فقال:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}؛ لأن ما أصَّلُوه من هذا الأصل الباطل هوىً محض وإلا فحكم الله بين الخلق سواء.
قوله:{وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} انظر هذا كلام الله مع الرسول، {وَاحْذَرْهُمْ} يعني: كن معهم على حذر وتخوف {أَنْ يَفْتِنُوكَ} عن بعض ما أنزل الله إليك.
في إعراب {أَنْ يَفْتِنُوكَ} وجهان:
الوجه الأول: أن تكون بدل اشتمال من الهاء في قوله: واحذرهم، والتقدير: واحذرهم فتنتهم، وكما هو معروف أن البدل ينقسم إلى خمسة أقسام؛ الخامس: البدل اللفظي، فيكون التقدير على هذا: احذرهم فتنتهم؛ لأن "أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر بدل، والبدل كما يقول ابن مالك رحمه الله: