للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التابع المقصود بالحكم بلا ... واسطة هو المسمى بدلًا

والوجه الثاني: أن تكون "أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر منصوبة بنزع الخافض، والتقدير: واحذرهم من أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك، وكلا الوجهين في الإعراب معناهما واحد، ومعنى {أَنْ يَفْتِنُوكَ} أن يصدوك عن بعض ما أنزل الله إليك، والفتنة بمعنى: الصد، جاءت في القرآن، مثل قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (١٠)} [البروج: ١٠]، فتنوا بمعنى: صدوا.

وقوله: {عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} إذا كان التحذير عن بعض ما أنزل، فعن الجميع من باب أولى، {فَإِنْ تَوَلَّوْا} عن حكمك بما أنزل الله {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ}، وهذه الإرادة إرادة كونية بمعنى: المشيئة، {أَنْ يُصِيبَهُمْ} أن يلحق بهم المصيبة بالإعراض ببعض ذنوبهم لا بكلها.

قوله: {بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} بعض الذنوب مثل ما ذكرنا قبل قليل أن بني النضير يحكمون بالجور فيما بينهم وبين بني قريظة، والذنب ما خالف به الإنسان ربه سواء كان بترك واجب أو بفعل محرم.

قوله: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} الجملة هذه كالتسلية للرسول -عليه الصلاة والسلام- لكي لا يحزن؛ لأن كثيرًا من الناس فاسقون، و"اللام" في قوله {لَفَاسِقُونَ} للتوكيد، وفاسقون بمعنى: خارجون عن طاعة الله، مأخوذة في الاشتقاق من قولهم: فسقت الثمرة إذا خرجت من كمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>