للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام (١)، حتَّى إن قريشًا لما اعتدت على خزاعة، وهم كفار اعتبر النبي ذلك نقضًا للعهد، وغزا قريشًا، فالمهم أن الاستعانة بهم إذا دعت الحاجة إليها جائزة بشرط أن نأمن خيانتهم، فإن لم نأمن فإنه لا يجوز.

وهل من موالاتهم موادتهم؟

الجواب: نعم، من موالاتهم موادتهم، أعني طلب مودتهم حتَّى تكون المودة متبادلة، ولهذا قال: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ} [المجادلة: ٢٢]، قال: يوادون، ولم يقل: يودون، فتكون الموادة بين الطرفين؛ لأن المُوَادَّ لا بد أن يبذل ما تكون به المودة، وإذا بذل ما تكون به المودة، فهذا المبذول لا يريد أن يذهب هباءً لا بد أن يكون على حساب شيء ما، لذلك نقول: موادتهم حرام لا تحل، قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: ٢٢].

وهل من الولاية أن نحبهم إذا صنعوا شيئًا نافعًا للعباد؟

على كل حال: نحب فعلهم بلا شك، إذا فعلوا ما فيه مصلحة للبشرية فلا بد أن نحب فعلهم؛ لأنه خير ومصلحة، أما أن نحبهم هم فهذا فيه نظر؛ يعني نحبهم لأجل فعل هذا الخير، ليس على سبيل العموم، لكن ما فعلوه من الخير، لا يمكن أن ننكره وأن نقول: ما فعلوا شيئًا، بل نحب ما فعلوا من الخير، هم الآن مع الأسف الشديد يصنعون لنا الطائرات، هل نحبهم على صنع الطائرات؟


(١) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (٣٦٩٠٢)، السيرة النبوية لابن هشام (٥/ ٤٣)، زاد المعاد (٣/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>