خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: ٢٢١]؛ ولأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنكر على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن يتخذ كاتبًا نصرانيًّا، حتَّى إنه لما قُدِّمَت إلى عمر رضي الله عنه كتابة هذا النصراني أعجبته كثيرًا؛ لأنها كتابة جيدة وحسابات منضبطة تمامًا، فقال لأبي موسى:"هاتِ كاتبك، قال: يا أمير المؤمنين إنه لا يدخل المسجد، فغضب، قال: من هذا؟ قال: نصراني، قال: كيف تأمنه وقد خونه الله"، وأنكر عليه كثيرًا، وألح عليه أَبو موسى قال: هذا رجل جيد، فقال له:"مات النصراني، والسلام"(١).
يعني: نفرض الآن أنَّه مات ماذا تكون حالك وهو سيموت إن عاجلًا أو آجلًا، فانظر كيف كان الخليفة الراشد، يحذر من أن يولى غير المسلمين أحوال المسلمين، يعني: لا يجوز أن تجعله مثلًا أمينًا على بيت المال، أو أمينًا على أشياء تتعلق بعموم المسلمين، هذه خيانة بلا شك؛ لأنه كيف يجعل هذا الذي خونه الله عزّ وَجَلَّ أمينًا على أحوال المؤمنين، أما شيء خاص فهذا لا بأس به؛ لأن الصحابة اتخذوا خدمًا من غير المسلمين لكن شيء عام هذا لا يجوز بأي حال من الأحوال؛ لأنه مهما تظاهر الكافر بالنصح لك فاعلم أنَّه عدو.
وهل من الموالاة أن نستعين بهم على أعدائنا؟
الجواب: لا، لكن إذا احتجنا إليهم نستعين بهم، بشرط أن نأمن خيانتهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له حلفاء حين عقد الصلح مع المشركين، وحلفاؤه خزاعة، كانوا مع الرسول عليه الصلاة
(١) انظر: تفسير الرازي (٦/ ٧٧)، نظم الدرر للبقاعي (٢/ ٤١١)، تفسير اللباب لابن عادل (٦/ ١١٣).