عليه بالنفاق، وهل يقتل أو لا يقتل؟ يقتل؛ لأن هذا معلوم نفاقه، لكن المنافقون في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام رفع عنهم القتل لسبب، وهو: أن لا ينفر الناس عن الإسلام والإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه"(١) وهو يعلمهم عليه الصلاة والسلام، لكن خوفًا من تنفير الناس عن الإسلام امتنع لهذه المصلحة العظيمة أن يقتلهم وأخذ بظواهرهم.
ولكن إذا تاب المنافق فهل تقبل توبته؟ المذهب لا تقبل توبته؛ لأن الرجل في الأصل يقول: إنه لم يكفر، يقول: إنه مسلم، فإذا قلنا: أنت منافق قال: أبدًا، أشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا رسول الله، وستجدونني في الصف الأول في كل الصلوات، فيقولون: إنه لا يقتل، قال السفاريني رحمه الله:
لأنه لم يبدُ من إيمانه ... إلَّا الذي أذاع من لسانه
فلا نقبله؛ لأنه في الأصل يقول: إنه مسلم.
ولكن الصحيح أن توبته مقبولة إذا دلت القرائن على صدقه، بدليل قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} [النساء: ١٤٥، ١٤٦]، انظر إلى الشروط؛ لأن المسألة ليست هينة، هذا الرجل يبدي إيمانه، قال تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}
(١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب سورة (المنافقون)، حديث رقم (٤٦٢٢)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا، حديث رقم (٢٥٨٤) عن جابر بن عبدِ الله.