قوله:{وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}"اتقوا" أي: اتخذوا وقاية من عذابه؛ وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
وقوله:{إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} هذه جملة خبرية مؤكدة بـ {إِنَّ} والغرض منها التخويف من اجتناب التقوى، وأن من لم يتقِ الله، {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} أي: إن الله تعالى سيحاسبكم على أعمالكم، وقوله:{سَرِيعُ الْحِسَابِ} يتضمن سرعة التنفيذ من وجه، وسرعة الوقت من وجه آخر، أما سرعة الوقت فما أسرع الدنيا تمضي سريعًا وإذا بالإنسان قد انتهى، وأما سرعة التنفيذ فإن الله تعالى يحاسب الخلائق يوم القيامة على كثرتهم يحاسبهم في نصف يوم (١)، لقول الله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)} [الفرقان: ٢٤].
فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم لقوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ}، ومن هنا نعرف أن ما لم يسأل الصحابة عنه مما يرد السؤال عنه في عصرنا من أمور الغيب فالسؤال عنه بدعة؛ لأننا نعلم أنه لو كان هناك خير في العلم به لألهم الله الصحابة أن يسألوا عنه حتى يتبين الأمر.
الفائدة الثانية: أن الإحلال والتحريم ليس إلى العباد، بل هو إلى الله عزّ وجل، وقد حذرنا الله عزّ وجل من أن نحلل أو نحرم بأهوائنا فقال:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[النحل: ١١٦].
(١) رواه ابن المبارك في الزهد (ص ٤٦٣)، وأبو نعيم في الحلية (٤/ ٢٣٢)، والطبري في تفسيره (١٩/ ٥) عن الأعمش عن إبراهيم النخعي.