الفائدة الثالثة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يستقل بالتحليل أو التحريم، وجه ذلك: أن الرسول لم يجبهم ولكن الله تعالى أجابهم، وقد صرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك حيث قال للصحابة:"من كل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مساجدنا، فذهب الصحابة يقولون: حرمت حرمت، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم: إنه ليس لي تحريم ما أحل الله، ولكنني كره ريحها"(١).
الفائدة الرابعة والخامسة: أن كل ما أحله الله تعالى فهو طيب، نافع للبدن ونافع للقلب ونافع للفرد ونافع للمجتمع، لقوله:{أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} وأيضًا نأخذ من المفهوم أن كل ما حرمه الله فهو خبيث.
الفائدة السادسة: إحلال ما اقتنصته الجوارح، فما هي الجوارح، وهل كل جارح يمكن أن يؤكل ما صاده؟ نقول: نعم، كل جارح، لكن بشرط أن يكون معلمًا، وأكثر ما يقبل التعليم الكلاب، وهي للزواحف، ثم الصقور وهي للطائر، فإذا كان من الكلاب فلا بد أن يسترسل إذا أرسل، وينزجر إذا زجر، وإذا أمسك لم يأكل، هذه ثلاثة شروط: يسترسل إذا أرسل، يعني إذا رأيت الصيد وأرسلته استرسل، وكذلك ينزجر إذا زجر، يعني: إذا زجرته ليقف وقف؛ لأنه لو تجاوز وأنت أمرته أن يقف فمعناه أنه صاد لنفسه. الثالث: إذا أمسك لم يأكل، فإن أكل فهو دليل على أنه إنما أمسك على نفسه، والله أعلم.
الفائدة السابعة: أن من الحيوان ما يقبل التعليم، لقوله:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}.
(١) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها، حديث رقم (٥٦٥) عن أبي سعيد.