للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بلال؛ وعلل ذلك فقال: "إنه أندى صوتًا منك" (١)، ولم يقل: ألقه وسكت؛ لأنه لو سكت لكان في قلب عبد الله بن زيد شيء، إذ إنه هو الذي رآه فكان أولى الناس بالقيام به، لكن من عادة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه يُبَيِّنُ حكمة الشيء حتى يطمئن القلب، فَبَيَّنَ أنه أندى صوتًا منه فنادى به، ونعم النداء، تعظيم لله عزّ وجل، شهادة له بالتوحيد، شهادة للرسول به. بالرسالة، دعوة للصلاة، دعوة للفلاح، ختام بالتعظيم والتوحيد، أي دعوة أحسن من هذه؟ لا شيء، دعوة عظيمة، ولهذا يقول مجيب المؤذن: "اللهم رب هذه الدعوة"، ماذا؟ "الدعوة التامة" (٢) حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام جعلها من شعار البلاد الإِسلامية فكان إذا نزل بقوم انتظر، فإذا أذنوا ترك قتالهم (٣)؛ لأن الأذان من شعائر الإِسلام الظاهرة، التي لا يجوز للمسلمين أن يدعوها, ولا يجوز للمسلمين أن يهجموا على بلد يؤذن فيه، وربما يكون هذا هو علامة كون الدار دار إسلام، أن يعلن فيها الأذان؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع الأذان كف عنهم، وعلم أن بلادهم بلاد إسلام ويكون هذا هو الفيصل في معنى دار الإِسلام.


(١) رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب كيف الأذان، حديث رقم (٤٩٩)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان، حديث رقم (١٨٩)، وابن ماجه، كتاب الأذان والسنة فيها، باب بدء الأذان، حديث رقم (٧٠٦)، وأحمد (٤/ ٤٣) (١٦٥٢٥) عن عبد الله بن زيد.
(٢) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء عند النداء، حديث رقم (٥٨٩) عن جابر بن عبد الله.
(٣) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب ما يحقن بالأذان من الدماء، حديث رقم (٥٨٥) عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>