لكنَّ عقل الإرشاد: هو الذي انتفى عن كل كافر، فكل كافر ليس عاقلًا عقل إرشاد، أي: ليس له عقل يرشده، عنده ذكاء وعنده إدراك للأمور، ويعرف من الواقع ما لا يعرفه كثير من المسلمين لكنه ليس بعاقل؛ لكفره بالله عزّ وجل والعقل يهدي إلى الحق.
إذًا قوله:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} أي: ليس عندهم عقل إرشاد، ولو عقلوا لعظموا هذه الصلاة العظيمة التي لا نعلم أن في دين الإِسلام شيئًا أعظم منها ما عدا التوحيد والرسالة؛ لأنها اختصت بخصائص عظيمة، ولا يخفى على كثير من الناس أنها فرضت من الله إلى رسوله بدون واسطة، ولم تفرض علىى الرسول عليه الصلاة والسلام وهو في الأرض؛ بل في أعلى مكان يصله البشر، وأيضًا لم تقرض عليه بهذا القدر الكمي -يعني: خمس صلوات- بل فرضت خمسين صلاة تستوعب كثيرًا من الوقت إن لم يكن أكثر وقت اليقظة، وهذا يدل على محبة الله تبارك وتعالى لها, ولما كان الله يحبها؛ كانت قرة عيسى للرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -"حبب إلى من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة"(١) اللهم صل وسلم عليه.
هذه الصلاة العظيمة هل يمكن لأي عاقل عقل إرشاد أن يتخذها هزوًا ولعبًا؟ أبدًا بل يتخذها مقام التعظيم والاحترام؛ لأن الإنسان إذا جاء يصلي، فمن يناجي ومن يقف بين يديه؟ يقف بين
(١) رواه النسائي، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، حديث رقم (٣٩٣٩)، وأحمد (٣/ ١٢٨) (١٢٣١٥)، والحاكم (٢/ ١٧٤) (٢٦٧٦) عن أنس.