أنهم يتخذون ديننا هزوًا ولعبًا؛ الصلاة بعد هذا، وتخصيص الشيء من العموم يدل على العناية به وعلى شرفه على العموم.
الفائدة الثانية: مشروعية النداء للصلاة، لقوله:{وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} وكما قلنا: إن النداء يعني الأذان.
الفائدة الثالثة: أن النداء للصلاة أمر معلوم بالضرورة من الدين، لقوله:{وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} فكان هذا أمر معلوم مفروض منه.
الفائدة الرابعة: أنه إذا كان النداء للصلاة مشروعًا كان عبادة يتقرب به المنادي إلى الله، وهو كذلك، فالأذان من أفضل الأعمال، حتى إن الله خص المؤذنين بخصيصة يوم القيامة ليست لغيرهم؛ وهي كونهم أطول الناس أعناقًا، رفع الله رؤوسهم بطول أعناقهم؛ لرفعهم ذكره بين العباد، فهم يختصون بهذه الخصيصة التي لا يشاركهم فيها غيرهم.
والظاهر أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا"(١) هذا فيمن يسمى مؤذنًا، أي: يداوم على الأذان ولا يحصل ذلك لمن أذن مرة أو مرتين، وإلا لقال الرسول عليه الصلاة والسلام: من أذن كان أطول الناس.
فإن قال قائل: ما تقولون: أهو أفضل أم الإمامة؟
الجواب: أنه أفضل من الإمامة؛ لأن النصوص الواردة فيه أكثر من النصوص الواردة في الإمامة من حيث الفضل، فالمؤذن أفضل من الإِمام من حيث الأجر ومن حيث المرتبة، صحيح أنه
(١) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه، حديث رقم (٣٨٧) عن معاوية بن أبي سفيان.