للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متبوع، لكن المؤذن تلحقه مشقات عظيمة، وفي الزمن السابق كان يصعد المنارة الطويلة خمس مرات، ثم إذا تأخر المؤذن فضح نفسه كُلٌّ عرف أنه لم يحضر والإمام ليس كذلك.

فإن قال قائل: يرد عليكم إذا كان أفضل من الإمامة، فلماذا لم يؤذن الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يؤذن أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي؟

قلنا: لانشغالهم بما هو أهم، ونحن الآن لا نريد المفاضلة بين الأذان وغيره من سائر العبادات، بل بين الأذان والإمامة, ولا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين، لو ألزموا أنفسهم بالأذان لكانوا يبقون مراقبين للأوقات مدة طويلة، وفي ذلك الوقت ليست الساعة في جيب الإنسان ليخرجها ويعرف أنَّ الوقت حضر، مَنْ يرقب الشمس ليعرف أنها الآن ستزول أو لا تزول أو زالت أو لم تزل؟ فهم مشتغلون بما هو أهم من التفرغ للأذان.

فإن قال قائل: أفلا يمكنهم أن يوكلوا من يرقب الأوقات، فإذا دخلت جاؤوا؟

قلنا: هذا يسقط عنهم عناء كثير من الأذان الذي ربما يكون الفضل من أجل هذا المعنى فيفوت المقصود.

فالحاصل أن القول الراجح من أقوال العلماء: أن الأذان أفضل من الإمامة.

فإن قال قائل: غير المؤذنين أفلا يكون لهم حظ؟

قلنا: بلى، لهم حظ والحمد لله وهو مشروعية متابعة المؤذن، يعني: أنه شرع لنا أن نقول مثل ما يقول المؤذن، حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>