للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأولى: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}، على أن (عَبَدَ): فعل ماض، فيها ضمير مستتر يعود على (مَنْ) في قوله: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ} والطاغوتَ: مفعول به يعني عبد عبادة الطاغوت، وعلى هذا فتكون معطوفة على صلة الموصول، وهو قوله: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ}.

والقراءة الثانية: {وعَبُدَ الطاغوتِ}، لكن يكون على هذه القراءة الطاغوت بالجر، على أن عَبُدَ: اسم مفرد، كما يقال: السبَع والسبُع، فيقال: العَبْدُ، والعَبُدُ فهما لغتان، وعلى هذه القراءة نقول: عبُد الطاغوتِ، وتكون معطوفة على القردة، يعني: وجعل منهم عبد الطاغوت، وأهل الكتاب عبدوا الطاغوت باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، فإن الله قال عنهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا} [التوبة: ٣١] قال عدي بن حاتم رضي الله عنه للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله لسنا تعبدهم؛ فَبَيَّنَ أن طاعتهم في معصية الله هي عبادتهم (١).

وقوله: {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} أي: عبده عبادة بركوع وسجود وطاعة فيما يأمر، والمراد بالطاغوت ما ذكره ابن القيم رحمه الله بتعريف من أجمع التعاريف قال: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فكل إنسان يتجاوز الحد في عبادة أحد غير الله فهذا المعبود طاغوت، وكل إنسان يتجاوز الحد في اتباع


(١) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة، حديث رقم (٣٠٩٥) عن عدي بن حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>