للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويخرج منه الدم فإنه لا يباح، والمسألة فيها خلاف بين العلماء:

منهم من يقول: إنه يشترط أن يجرح الكلب فإن لم يجرح فلا يحل، واستدل هؤلاء بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل" (١).

ومنهم من قال: إن الجوارح هن الكواسر، وأن كل ما أمسكته على صاحبهن فإنه حلال سواء جرح أم لم يجرح، ولا شك أن الاحتياط تركه، لكن التحريم فيه نظر، يعني: الاحتياط إذا جاء لك الكلب بصيد لم يُجرح أن تتركه، ولكن كوننا نجزم بالتحريم لا نجزم به لعموم قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}.

الفائدة الثانية عشرة: قطع ما يوجب الإعجاب بالنفس؛ لأن قوله: {تُعَلِّمُونَهُنَّ} فيه إسناد التعليم إلى البشر، فقد يزهى الإنسان بنفسه ويغتر ويعجب فلهذا قال الله عزّ وجل: {مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} إشارة إلى أن علمك الذي تعلمه إياهن مصدره من عند الله عزّ وجل.

الفائدة الثالثة عشرة: أن العلم لا يختص بالعلوم الشرعية، بل علم كل شيء بحسبه، فالعلم هنا ليس هو العلم بالأحكام الشرعية وأن هذا واجب وهذا حرام وما أشبه ذلك، لكنه علم يختص بتعليم الجوارح كيف يصدن، فيكون في هذا دليل على أن العلم يختص بما يقتضيه السياق، وكل شيء بحسبه.


(١) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب التسمية على الذبيحة ومن ترك متعمدًا، حديث رقم (٥١٧٩)، ومسلم، كتاب الأضاحي، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظفر وسائر العظام، حديث رقم (١٩٦٨) عن رافع بن خديج.

<<  <  ج: ص:  >  >>