للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر للاستحباب أم للوجوب؟ هذا ليس بصواب، كمال العبودية أن تقول: سمعنا وأطعنا، وتفعل، نعم إذا تورطت في الأمر وخالفت المأمور أو فعلت المحظور حينئذٍ لا بأس أن تسأل لأجل إذا كان على سبيل الوجوب تستعتب، وإذا كان النهي على سبيل التحريم تستعتب أيضًا، وأنا أعتقد أنه ليس من تمام العبودية أنك إذا أمرت تقول: هل أنا ملزم أو غير ملزم؟ الآن ولله المثل الأعلى، لو قال لك أبوك مثلًا: يا فلان، اذهب اشترِ كذا هل يستقيم أن تقول: ملزم أو غير ملزم؟ لا يستقيم، ولذلك الصحابة أنفسهم رضي الله عنهم لا أعلم الآن أن أحدًا منهم إذا أمر الرسول بشيء قال: يا رسول الله أعلى سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحبياب؟ أنا لا أعلم، وإنما يستفصلون أحيانًا والاستفصال في موضع الإجمال حق، القلم لما أمره رب العرش وقال له: اكتب، قال له: ماذا أكتب؟ (١).

لو قال قائل: لماذا نقف على قوله: {وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} حيث إنه توجد علامة وقف لازم بالمصحف؟

الجواب: وجه ذلك أن الأول خبر عما كان لليهود، والثاني: خبر عن صفات الله تبارك وتعالى، ولذلك قرن بـ"بل".

الفائدة الثالثة عشرة: أن من الناس من لا تزيده الآيات إلا طغيانًا وكفرًا، لقوله: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} ولا تعجب فقد ذكر الله في القرآن في آخر سورة


(١) رواه أبو داود، كتاب السنة، باب في القدر، حديث رقم (٤٧٠٠)، والترمذي، كتاب القدر، باب ما جاء في الرضا بالقضاء، حديث رقم (٢١٥٥)، وأحمد (٥/ ٣١٧) (٢٢٧٥٩) عن عبادة بن الصامت.

<<  <  ج: ص:  >  >>