التوبة أنه إذا نزل انقسم الناس في قسمين: قال تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: ١٢٤ - ١٢٥]، فلا تعجب أن يكون شيء واحد لقوم دواء ولقوم داء، فإن هذا كما هو في المعقولات هو أيضًا في المحسوسات، أرأيت المصاب بمرض يمنعه الأطباء مثلًا من أكل التمر، إذا أكله مرض، وآخر إذا أكله صح مع أن التمر واحد، الدهن بعض الناس يؤمر بالإكثار منه، وبعض الناس ينهى عنه وأشياء كثيرة، فلا تعجب إذا كان في المعقولات ما يزيد أقوامًا وينقص آخرين.
الفائدة الرابعة عشرة: عناد اليهود، وأنهم لا يمكن أن يخضعوا لما نزل من السماء، لكونه لا يزيدهم ما أنزل على محمَّد - صلى الله عليه وسلم - إلا طغيانًا وكفرًا.
الفائدة الخامسة عشرة: الإنصاف والعدل في حكم الله عزّ وجل؛ لأنه قال:{كَثِيرًا مِنْهُمْ} ولم يقل: أكثرهم، ولم يقل: كلهم، ولهذا يجب على الإنسان إذا رأى في قوم انحرافًا من بعضهم؛ ألا يُجري الحكم على الجميع بل يقول: كثير أو بعض أو منهم أو ما أشبه ذلك؛ لأنه لو عمم مع وجود استقامة في الآخرين لكان ظالمًا من وجه وكاذبًا من وجه آخر، ولهذا تجد الله سبحانه وتعالى يقول:{وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ} ولم يقل: أكثر ولا الجميع.
لو قال قائل: ما حد الكثير؟ الجواب: الكثير حسب النسبة يعني مثلًا ثلاثة من عشرة كثير، ثلاثة من عشرة حوالي الثلث، لكن ثلاثة من ثلاثين ألفًا قليل.