ذلك قوله تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}[الروم: ٤١]، لكن هل هدم البيوت بغير حق من المعاصي، فيكون من الفساد في الأرض من هذه الناحية، وعلى هذا فنقول: كل من عصى الله فقد أخذ معولًا يخرب به الأرض؟
الفائدة التاسعة عشرة: أن الشيء إذا ثبت لوصف، ثبت ضده لضد ذلك الوصف، فعلى هذا نقول: إذا كان الله لا يحب المفسدين فإنه يحب المصلحين، ولا شك أن الله يحب المصلحين، قال الله تعالى:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء: ١٢٨] وقال الله تعالى في اليتامى: {قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ}[البقرة: ٢٢٠] فالصلح خير يحبه الله عزّ وجل ويرغب فيه ويحث عباده عليه، الإصلاح كذلك خير، والإصلاح أنواع متعددة، والناس بالنسبة للأرض على ثلاثة أقسام: صالح، وصالح مصلح، وفاسد مفسد، وإن شئت زد رابعًا: فاسد غير مفسد حتى تتم الأقسام، لكن يلزم من الفاسد أن يكون مفسدًا، ولذلك نقتصر على ثلاثة أقسام، فنقول: الناس بالنسبة للأرض ثلاثة:
الأول: صالح: لكنه لا ينفع إلا نفسه، وهذا يكون في كثير من العباد، كثير من العباد صالح في نفسه لكن لا يحاول أن يصلح غيره، يرى المنكر أمام عينه لا ينهى عنه، يرى التفريط في المعروف أمام عينه لا يأمر به، وهكذا، هذا نقول: إنه صالح، وإن كان أيضًا صلاحه فيه نقص؛ لأن من تمام الصلاح أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
الثاني: صالح مصلح، هذا خير الأقسام، هو صالح في نفسه ومصلح لغيره، ولهذا قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ