لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (١١٧)} [هود: ١١٧] لم يقل صالحون، لا بد من أن يكون في الأرض مصلح.
والثالث: الفاسد المفسد في الأرض، حتى لو فرض أنه لم يدعو إلى فساده وإلى معصيته فإنه مفسد؛ لأنه سبب لفساد الأرض.
الفائدة العشرون والحادية والعشرون: أن القرآن نزل من عند الله، لقوله:{مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}، وإذا ثبت هذا لزم عليه أمران عظيمان:
الأمر الأول: أن القرآن كلام الله؛ لأن القرآن ليس ذاتًا قائمة بنفسها, ولكنه وصف لا يقوم إلا بموصوف أو إلا بمتصف به، وعلى هذا فيفيد هذه الفائدة العظيمة: أن القرآن كلام الله، وهذا هو الذي أجمع عليه سلف الأمة والأئمة، وجرت فيه المحن على الإِمام أحمد رحمه الله وغيره من علماء السنة.
فإن من الناس من قال: القرآن ليس كلام الله بل مخلوق من جملة المخلوقات، ولا شك أن هذا القول يلزم منه بطلان الشريعة تمامًا؛ لأننا إذا قلنا: إنه ليس كلام الله؛ لزم أن يكون إذا كتب مجرد نقوش وزخرفة، خلقها الله عزّ وجل على هذا الوصف، ولذلك نقول: إنه يستلزم على القول بأن القرآن مخلوق؛ بطلان الشريعة تمامًا، بطلان الأمر والنهي؛ لأنه لا أمر ولا نهي، فقوله تعالى:{أَقِمِ}[لقمان: ١٧] شيئًا مخلوق على هذه الصفة فقط لا يدل على أمر، وقوله:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[الإسراء: ٣٢] كذلك، شيء مخلوق على هذه الحروف كما تنقش الباب مثلًا، إن سُمِعَ فهو مجرد، أصوات كما نسمع الآن أصوات الرعد وأصوات