للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرياح في الأشجار وغير ذلك، فحينئذ لا أمر ولا نهي ولا خبر، وهذا واضح جدًّا، لكن من أعمى الله قلبه لا يعرف أن هذا لازم.

لو قال قائل: رجل قام يتكلم وكان موضوع كلمته القرآن، وفي أثناء حديثه كان يقول: الذي قال عنه ربه، يقصد القرآن، ما حكم هذا؟

الجواب: هذا غلط عظيم، يعني يتكلم عن القرآن فيقول: إن القرآن هو الذي قال عنه ربه، وهذا يوحي بمذهب الجهمية، وإن كان له وجه في اللغة العربية إذا علمنا أن المتكلم من أهل السنة الأقحاح؛ لأن الرب يأتي بمعنى الصاحب، كما قال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)} [الصافات: ١٨٠] والعزة وصف لله عَزَّ وَجَلَّ لكن بمعنى صاحب العز، على كل حال: هذا يجب تنزيه اللسان عنه، ويجب أن ينصح؛ لأن هذا يوهم العامة أن القرآن مخلوق.

الأمر الثاني: علو الله عزّ وجل؛ لأنه إذا كان القرآن كلام الله، وهو صفة من صفاته وهو نازل لزم أن يكون المتصف به عاليًا، وإلا فلا معنى للنزول، فيكون فيه دليل على إثبات علو الله عزّ وجل، والناس في هذه الصفة على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: قال: إن الله لا يجوز أن يوصف بالعلو ولا بالسفول، ولا يجوز أن نقول: إنه فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال، وهذا تعطيل محض، ولو قيل لأحد: صف العدم، ما وصفه بأدق من هذا الوصف الذي وصفوا به الرب عَزَّ وَجَلَّ.

القسم الثاني: قالوا: إن الله تعالى في كل مكان، ولا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>