أن نقول: إنه في العلو، وكيف نقول: إنه في العلو وهو يقول: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد: ٤] ويقول: {وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}[النساء: ١٠٨] وأشباه ذلك من آيات المعية، فلا يجوز أبدًا أن نقول: إن الله عالٍ بنفسه، بل العلو الذي أثبت لله علو المعنى، وأما المكان فهو في كل مكان، وهؤلاء حلولية الجهمية يقولون: إنه في كل مكان، والعجب أن هذا عليه كثير من الناس من غير السعوديين الذين نتصل بهم -في المسجد الحرام- ونسألهم. السعوديون لا يعرفون هذا القول، أكثر العامة لا يعرفون هذا القول، ويقولون: إن الذي يقرر علينا علماؤنا أن الله في كل مكان، ولا شك أن هذا قول إذا تأمله الإنسان وجده في غاية البطلان، لمخالفته للقرآن والسنة والعقل والفطرة والإجماع، وهل يمكن أن يرضى أحد أن يجعل الخالق عزّ وجل في الحشوش والأماكن القذرة؟ لا يمكن، ولازم قولهم أن يكون كذلك في كل مكان.
أما القسم الثالث: الذي نسأل الله تعالى أن يميتنا عليه ويبعثنا عليه، فهو أن الله تعالى بذاته فوق كل شيء، لكنه محيط بالخلق، فكأنه معهم في أمكنتهم، ولا مانع من أن نقول: هو فوق كل شيء وهو معنا ولكن ليس في مكاننا, ولهذا أمثلة ذكرها شيخ الإِسلام رحمه الله، مثالًا في الواسطية ومثالًا في الحموية، قال: إن العرب يقولون: ما زلنا نسير والنجم معنا، وقال في الواسطية: ما زلنا نسير والقمر معنا، وهذا أسلوب عربي واضح، وكل واحد يخاطب بهذا الخطاب أو يتكلم به؛ لا يمكن أن يعتقد أن القمر في الأرض، ولا أن النجم في الأرض، ولهذا يفرق