أمر كوني، وفي الشرع وهو في الحلال والحرام، وعلى هذا فمن كان معلومًا بالتحليل أو التحريم أو الإيجاد أو الإعدام فلا حرج أن يحذف ويبنى الفعل لما لم يسمَّ فاعله.
قوله:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ} أي: أحل الله الطَّيِّبَاتِ، والطيبات هي ضد الخبائث، قال الله تعالى:{قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ}[المائدة: ١٠٠] فما هو ميزان الطيب، أهو في ذوق كل إنسان أم في عادات الناس، أما ماذا؟ نقول: المرجع في ذلك إلى ما جاءت به الشريعة، فما أحلته الشريعة فهو طيب، وما حرمته فهو خبيث.
فإن قال قائل: ما هو الأصل في الأطعمة؟
الجواب: الحل، والدليل قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩] إذًا الأصل الحل، فإذا ادعى مدعٍ أن هذا الشيء حرام من طير أو زاحف أو غيرهما قلنا له: ما الدليل على ذلك؟ فما أحله الله فهو طيب بلا شك.
قوله:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} طعام الذين أوتوا الكتاب يعني: اليهود والنصارى، وليس المراد كل ما يطعموه من حب وثمر، بل المراد كل ما يطعمون من لحم، ثم أيضًا: ليس المراد كل ما يطعمون من لحم إذا كان لا تشترط له الذكاة؛ لأن ما لا تشترط له الذكاة حلال بدون فعلهم، والحبوب والثمار حلال بدون فعلهم، فليس من طعامهم الخاص، ولا يمكن أن يقول الله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} والمراد به هذا الطعام الذي لكل أحد.
فلو كان أهل الكتاب لا يأكلون إلا الشعير، فهل حِل الشعير لنا مأخوذ من هذه الآية؟