الجواب: لا؛ لأن هذا ليس من خصائصهم ولم يكن إحلاله متوقفًا على فعلهم، بل الذي يتوقف إحلاله على فعلهم هي الذبائح، ولهذا فسر ابن عباس رضي الله عنهما طعامهم بذبائحهم، وعليه فيكون المراد بطعام الذين أوتوا الكتاب هي ذبائحهم، أي: ذبائح اليهود والنصارى.
وظاهر الآية الكريمة: أنه لا فرق بين أن يكونوا قد بدلوا وحرفوا أم التزموا بشرائعهم للعموم، ولأن هذه الآية في نفس السورة التي حكى الله عنهم أنهم يقولون:{إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: ٧٣].
وقوله:{وَطَعَامُكُمْ} أي: ما ذبحتموه، {حِلٌّ لَهُمْ} الأطعمة قسمان: طعام لا يتوقف حله على فعل آدمي، فهذا حل للجميع، كمن وجد سمكة ميتة على شاطئ البحر فهي حلال وليأكلها، وهي حلال سواء كانت طعام أهل كتاب أم طعام غيرهم.
وطعام يشترط لحله فعل فاعل، وهذا حرام من غير أهل الكتاب وهو الحيوان الذي يحتاج إلى ذكاة أي: يتوقف على ذبح الإنسان، فإن ذبحناه فهو حلال لهم، وإن ذبحوه فهو حلال لنا.
قوله:{وَالْمُحْصَنَاتُ} المحصنات فيها قراءتان: "المحصِنات" بكسر الصاد على أنها اسم فاعل، وبفتحها على أنها اسم مفعول، يعني: وأحل لكم المحصنات، فعليه تكون معطوفة على قوله:{الطَّيِّبَاتُ}.
قوله:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} المحصنات من المؤمنات هن الحرائر، حلال لنا، ويحتمل أن يراد بذلك العفيفات، فأما الأول فيؤيده قول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ