للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنصارى، لكن يجب عليهم الإيمان به، كما أن التوراة والإنجيل لم ينزلا إلينا، لكن يجب علينا الإيمان بهما.

قوله: {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ} هذا جواب شرط: (لو)، وقد سبق البحث في أن لو الشرطية تختص الأفعال، وأن النحويين قدروا في مثل هذا فعلًا وهو: ولو ثبت أنهم أقاموا التوراة أو ولو حصل أنهم أقاموا التوراة.

وقوله: {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} هذه تشمل عدة أشياء:

أولًا: {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ} وذلك بنزول الأمطار التي تكون سببًا للنبات الذي يأكلونه، والأمطار تنزل من السماء، {وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} يعني: نبات الأرض، فيكون الله تعالى ذكر سبب النبات، والنبات، وهذا كقوله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: ٩٦] هذا وجه ويدخل في الآية.

وقيل: المعنى: أكلوا من فوقهم من ثمار الأشجار؛ لأن الأشجار تكون عالية فيأكلون من ثمارها، {وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} من الزروع ونحوها التي تكون في الأرض ليس لها ساق، فيكون الله تعالى بَيَّنَ أنهم سيبارك لهم في الأشجار والزروع.

وقيل: المعنى: لأكلوا من كل وجه، كما تقول: هذا الرجل في نعمة من هامه إلى إبهامه، والمراد أن النعمة تغمره.

وعلى كل حال فالآية تشمل هذا وهذا، كل هذه الأوجه يصح أن تفسر بها الآية، وقد سبق قاعدة في هذه المسألة مهمة، وهي: أن الآية إذا احتملت معنيين فأكثر على السواء ولا منافاة بينهما، فإنها تحمل عليهما جميعًا وهكذا الأحاديث أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>