للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ} يعني محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، {بَلِّغْ} أي: اجعله بالغًا، بمعنى: أن تؤديه إلى من أرسلت إليه، وهو - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى الجن والإنس منذ بعث إلى يوم القيامة، وعلى هذا فيكون تبليغه إما مباشر، كالذين رأوه وسمعوا منه، وإما بواسطة من خَلَّفَهُ في أمته علمًا ودعوة، وهم العلماء، المهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلغ البلاغ المبين.

قوله: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} ما: اسم موصول، والاسم الموصول يفيد العموم، أي: جميع ما أنزل إليك.

وقوله: {مِنْ رَبِّكَ}: إشارة إلى أن كونه مربوبًا لله عزّ وجل يستلزم أن يُبلِّغ، وأيضًا لأن ربوبية الله عَزَّ وَجَلَّ لرسوله عليه الصلاة والسلام ربوبية خاصة.

وقوله: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} الذي أُنْزل إليه القرآن كما قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، وتبليغ الرسول عليه الصلاة والسلام يشمل تبليغ اللفظ وتبليغ المعنى، ولذلك تجد بعض الآيات يفسرها النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كانت مجملة أو غامضة، فهو يفسرها بقوله ويفسرها بفعله عليه الصلاة والسلام.

قوله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} في قوله تعالى: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} قراءة أخرى {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ} بالجمع، أما على قراءة الإفراد فلا إشكال فيها، وأما على قراءة الجمع: فلماذا جمعت والرسالة واحدة؟ نقول: باعتبار الشرائع التي جاءت بها هذه الرسالة؛ لأنها جاءت بأعمال وأقوال واعتقادات، أعمال قلوب وأعمال جوارح، جاءت بفعل وبترك، فكل نوع يعتبر رسالة فصح الجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>