للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} يعني: إن كنت قد تخفي شيئًا خوفًا من الناس فلا تخفِ، فإن الله يعصمك من الناس، أي: يمنعك من الناس أن يضروك بشيء، وهذا هو الذي حصل والحمد لله، وإلا فما أكثر الذين يريدون قتله عليه الصلاة والسلام، أول ما قدم المدينة كان يخاف، تقول عائشة رضي الله عنها: في ليلة من الليالي لم ينم الرسول عليه الصلاة والسلام، سهر وقال: "اللهم ابعث لنا عبدًا من عبادك يحرسني" (١) أو كلامًا نحو هذا، فما أن فرغ من دعائه إلا وسمع صوت السلاح، فقال: من هذا؟ قال: سعد بن مالك، يعني: سعد بن أبي وقاص، قال: ما الذي جاء بك؟ قال: خفت عليك يا رسول الله، فأتيت أحرسك، بعثه الله عزّ وجل فصار يحرسه.

وفي بعض الروايات لكن ليس في الصحيحين: أن حذيفة أيضًا جاء معه، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام لما نزلت هذه الآية أمرهم أن يتفرقوا (٢)؛ لأن الله التزم عزّ وجل بأن يعصمه من الناس، ومعلوم أن الله إذا التزم بمثل هذا، فإنه محروس أشد من حراسة بني آدم.

قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} يعني: أنه لن يسلط عليك لو سلط إلا كافر.


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، حديث رقم (٢٧٢٩)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة, باب في فضل سعد بن أبي وقاص، حديث رقم (٢٤١٠) عن عائشة، ولفظ مسلم: "ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة".
(٢) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، حديث رقم (٣٠٤٦) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>