للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعها, لقوله: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} وهذا من فوائد القراءة الثانية {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتَهُ}؛ لأنه قد يقول قائل: هو بلغ الرسالة فيما بلغ، فإذا قال: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} شمل الذي بلغ والذي لم يبلغ.

الفائدة الثانية عشرة: عناية الله تعالى بالرسول عليه الصلاة والسلام في عصمته من الناس لقوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وهل هذه مطلقة أو مقيدة بما يحصل به البلاغ، يعني: يعصمك من الناس حتى تبلغ الرسالة؟ إن نظرنا إلى ظاهر الآية قلنا: إنها مطلقة، {يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وإن نظرنا إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهديت إليه شاة مسمومة في غزوة خيبر (١)، وأكل منها وأثرت في لهواته، وكان أثرها مشاهدًا، وفي مرض موته أخبر أن أكلة خيبر ما زالت تعاوده وقال: "هذا أوان انقطاع الأبهر مني" (٢) الأبهر: عرق في الظهر متصل بالقلب إذا انقطع هلك الإنسان، فهذا يدل على ما قيل أن الرسول عليه الصلاة والسلام مات بسبب السم الذي حصل من هذه المرأة اليهودية، وقد قيل: إنها أسلمت، فإذا كان كذلك فيجب أن تقيد الآية، ويكون المعنى: يعصمك من الناس حتى تبلغ الرسالة، وفعلًا بلغ الرسالة وأنزل الله على رسوله نعيه في قوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)} [النصر: ١ - ٣]، وحديث الشاة في البخاري ذكره تعليقًا


(١) رواه البخاري، كتاب الطب، باب ما يذكر في سم النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٥٤٤١) عن أبي هريرة.
(٢) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته، حديث رقم (٤١٦٥) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>