وظنًّا منه أنه لو بعثه الله لعذبه عذابًا شديدًا- فجمعه الله عزّ وجل وسأله: لماذا فعلت هذا؟ قال: يا رب فعلت هذا خوفًا منك، فغفر الله له" (١) اللهم لك الحمد: غفر الله له؛ لأنه إنما فعل هذا خوفًا من عقاب الله عزّ وجل، فظن أن هذا لا يضره.
ومنهم على بعض التفاسير فعل يونس عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء: ٨٧] وألا نضيق عليه أشد من الضيق الذي حصل له، والذي حصل له من الضيق أشد، ولكنه عليه الصلاة والسلام لا شك أنه ما قال هذا إلا عن تأويل، أو ما ظنه إلا عن تأويل، وهذه المسألة مهمة بنى عليها الإمام أحمد رحمه الله في إحدى الروايتين عنه: أن الخوارج ليسوا كفارًا؛ لأنهم استباحوا دماء المسلمين بتأويل، هم يرون أنهم يتقربون إلى الله بقتل المسلمين؛ لأنهم لا يرون أنهم على حق، أي: أن المسلمين ليسوا على حق، فهم متأولة، ومن العلماء من أطلق كفرهم بناءً على الأحاديث الواردة فيهم، والآخرون قالوا: هذا في الخوارج المعينين الذين خرجوا على علي بن أبي طالب، وليس كل خارج يكون كافرًا، فالمهم الآن اشتراطنا القصد وهذا أهم شيء.
الجاهل غير قاصد للمخالفة، ولينتبه طالب العلم لمسالة القصد فهي مهمة جدًّا جدًّا، فالجاهل الذي يسجد للصنم ظنًّا منه أنه ليس حرامًا؛ لأنه عاش في بلد الكفر وكان حديث الإسلام،
(١) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: ١٥] حديث رقم (٧٠٦٧)، ومسلم، كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله، حديث رقم (٢٧٥٦) عن أبي هريرة.