للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٦)} [النحل: ١٠٦]، ولو أن إنسانًا قال كلمة الكفر من شدة الغضب، فإنه لا يكفر لعدم القصد لأنه ما قصد أن يتكلم بهذا، لكن غُلِب عليه حتى تكلم فلا يكفر، وعكس الأول، لو أن الإنسان قال كلمة الكفر من شدة الفرح عكس الأول، فإنه لا يكفر؛ لأنه مغلوب ولم يقصد، والحديث في هذا صريح في "قصة الرجل الذي أضل راحلته وعليها طعامه وشرابه حتى أيس منها، فنام تحت شجرة فإذا بالناقة قد حضرت فأخذ بزمامها وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" (١)، فليس عليه شيء، وكلامه هذا لا يترتب عليه شيء؛ لأنه عن غير قصد، لكن مع الفرح الشديد أخطأ.

ومن ذلك أيضًا الخطأ في التأويل، لو أن إنسانًا فعل ما يكفر تأويلًا، وظنًا منه أن هذا هو الحق، فإنه لا يكفر؛ لأنه لم يقصد الكفر، وإنما فعل هذا الشيء أو قال هذا الشيء بناءً على أنه حق وحلال، ولو علم أنه كفر لكان أشد الناس نفورًا منه، ويشهد لذلك "قصة الرجل الذي كان مسرفًا على نفسه، فأمر أهله إذا مات أن يحرقوه ويلقوه في اليم وقال: والله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابًا لا يعذبه أحدا من العالمين -فهذا إنما قال هذا الشيء خوفا من عقاب الله، وأَمَرَ بهذا الشيء خوفًا من عقاب الله


(١) الحديث بتمامه عند مسلم، كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها، حديث رقم (٢٧٤٧)، وهو عند البخاري مختصرًا، كتاب الدعوات، باب التوبة، حديث رقم (٥٩٥٠) عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>