يكون بين طرفي نقيض إما إفراط وإما تفريط، والواجب علينا أن نتعبد لله عزّ وجل بما نذكر من أحكامه وبما نفعل من شريعته، فلا نذكر من أحكامه ما لم يذكره، إذا كان الله يقول:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[النحل: ١١٦] فكيف بالذي يقول: هذا كفر وهذا إسلام، هذا أشد؛ لأن الكفر يترتب عليه أحكام عظيمة، يترتب عليه أن هذا الذي حكمنا بكفره دمه حلال، وماله حلال ولا تبقى معه زوجته، ولا يدفن مع المسلمين، وإذا كان إمامًا يجب الخروج عليه، وما أشبه ذلك من الأمور العظيمة، هذه ليست كلمة تقال، المسألة خطيرة جدًّا.
ثم بعد ذلك هؤلاء الذين يكفِّرون من لم يكفره الله ورسوله، هم يكفرون بقتالهم المسلمين، قتالهم المسلمين كفر كما جاء في الحديث الصحيح (١)، وإذا قلنا: إنه كفر أصغر كما تدل عليه آية الحجرات، قلنا: ولكنه يحتمل أن تنجر به المعاصي والكبائر، حتى يكفر كفرًا أكبر.
فالمهم أن في مثل هذه المسائل يجب علينا ألا نتقدم بين يدي الله ورسوله، وألا نكفر من لم يكفره الله ورسوله، وألا نحجم عن تكفير من كفره الله ورسوله، الحمد لله، الأمر إلى الله ليس لنا ولا لفلان ولا لفلان.
لو قال قائل: ذكرتم أن الشرط الأول أن يكون الإنسان قاصدًا لما قال أو فعل، هل هناك شروط غيرها كالعلم مثلًا؟
(١) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب ما ينهى من السباب واللعن، حديث رقم (٥٦٩٧)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، حديث رقم (٦٤) عن ابن مسعود.