وقوله:{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} نداء إشارة إلى بلاهتهم وغفلتهم، وأنهم لا يخاطبون إلا بالنداء، ولا ينتبهون ويستيقظون إلا به.
وقوله:{اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} اعبدوا: فعل أمر من العبادة، والعبادة تطلق على شيئين: الأول: فعل العابد، والثاني: مفعول العابد، فعلى الأول، أي: فعل العابد نقول: هي التذلل لله عزّ وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وعلى الثاني نقول: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فمثلًا: يصح أن نقول: إن فعل المصلي عبادة، ويصح أن نقول: إن الصلاة عبادة، وأصلها من قولهم: طريق معبد، أي: مذلل مسهل ميسر، فمثلًا الطريق المسفلت نسميه طريقًا معبدًا، والطريق الذي لم يسفلت ولم يوطأ ليس طريقًا معبدًا.
وقوله:{اعْبُدُوا اللَّهَ} بالنسبة لكنمة (الله) تقدم أن أصلها الإله، لكن حذفت الهمزة؛ لكثرة الاستعمال، كما حذفت الهمزة في (الناس) وأصلها الأناس، وكما حذفت الهمزة في (شر) من أشر، وفي خير من أخير.
هنا الأليق أن نجعل العبادة بمعنى فعل العابد، أو بمعنى مفعوله؟ هي أقرب هنا لفعل العابد.
وقوله:{رَبِّي وَرَبَّكُمْ} ذكر العبادة ثم ذكر الربوبية إشارة إلى أن الربوبية تستلزم الألوهية، أي: أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، فمن أقر لله عزّ وجل بالربوبية لزمه أن يقر بالعبادة؛ لأن الرب يجب أن يكون معبودًا لأن له الأمر، وله الحكم، فإذا كان كذلك يجب أن يعبد كما شرع.