للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ} [المائدة: ٧٢]، هل يتنافى مع قول الله عزّ وجل: {لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ}؟

الجواب: لا؛ لأن المعنى: ليمسن الذين استمروا على كفرهم منهم عذاب أليم، وأما من تاب فيتوب الله عليه.

قوله: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ} من تعدد الآلهة، وأن الله تعالى ثالث ثلاثة.

وقوله: {لَيَمَسَّنَّ} أي: ليصيبن، {الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: الذي استمروا على الكفر، لأنهم كافرون.

وقوله: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} {عَذَابٌ} فاعل (يمس)، وأليم بمعنى مؤلم -أعني عذاب الكافرين- مؤلم نفسيًا وجسديًا، أما نفسيًا فإنهم يوبخون التوبيخ المهين، حتى إنه يقال للواحد منهم تهكمًا: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)} [الدخان: ٤٩]، وهذا لا شك أنه أعظم إهانة، يعذب ويصب من فوق رأسه الحميم، ثم يقال له: ذق إنك أنت العزيز الكريم، هذه إهانةٌ وعذاب عظيم، ويقول الله لهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨]، هذا عذاب يقطع القلوب، أما العذاب الجسدي فلا تسأل، إذا استغاثوا واشتد طلبهم للماء، يغاثون بماء كالمهل يشوي الوجوه، قبل أن يقع في الأمعاء، فإذا وقع في الأمعاء، قطع أمعاءهم، -نسأل الله العافية- إذًا: فهو مؤلم، قال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: ٥٦]؛ لأن الجلد إذا نضج لا يحس، لكنهم يبدلون جلودًا أخرى ليذوقوا العذاب {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ٥٦]، إذًا: فهو أليم ألم قلب وألم جسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>