وقوله:{وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} لا يمكن أن يكون أكثر من إله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢] أليس الله قال هذا؟ وكذلك أيضًا قال تعالى في آية أخرى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} يعني: لو كان كذلك {لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} وانفرد بمخلوقاته {وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[المؤمنون: ٩١] يعني: إذا انفرد كل إله بما خلق، وكل إله يريد أن تكون الألوهية له؛ لا بد أن يقع بينهما قتال، وإذا وقع بينهما قتال علا بعضهم على بعض أحيانًا يعلو هذا، وأحيانًا يعلو هذا، ومن المعلوم أن العالي هو المستحق أن يكون إلهًا وحده، وأن المعلو عليه لا يستحق أن يكون إلهًا.
وانظر الآن، لو خرجنا في سفر وأمرنا زيدًا وعمرًا؛ كلاهما أمير ماذا يكون؟ فوضى واضطراب، فلا يمكن أبدًا أن تكون الآلهة متعددة، لو تجددت لفسدت الدنيا كلها، ولهذا قال:{وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} أكد الوحدانية بقوله: واحد، وهو الله عزّ وجل.
إعراب:{وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا. . . لَيَمَسَّنَّ}"إن" شرطية لا إشكال فيها، مسلطة على فعل مضارع منفي، وقوله:{لَيَمَسَّنَّ}: إذا قلنا: إنه جواب شرط فهو مُشكل؛ لأن جواب الشرط لا يأتي بهذه الصيغة، لكنه جواب قسم مقدر مع لامه أيضًا، والتقدير: ولئن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم؛ لأن كلمة {لَيَمَسَّنَّ} لا تصح أن تكون جوابًا للشرط، لوجود اللام الموطئة للقسم، ووجود التوكيد في قوله:(يمسنَّ).