للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ}، الاستفهام هنا ليس استفهام استخبار أو استعلام؛ لأن الله يعلم، لكن قيل: إنه للعرض، وقيل: إنه للتوبيخ، فمن العلماء من قال: إن الاستفهام للتوبيخ، أي: أن الله يوبخهم على عدم التوبة والاستغفار، ومنهم من قال: إن الله يعرض عليهم، فهو عرض كما تقول للشخص: ألا تزورنا، والأليق بكرم الله عزّ وجل وجوده أن تكون للعرض، أي: أن الله عرض عليهم التوبة، فحينئذٍ نقول: الاستفهام للعرض.

الإعراب: {أَفَلَا يَتُوبُونَ} معروف أن الهمزة لها الصدارة، وهنا جاءت الفاء العاطفة، فكيف يستقيم الكلام؟ إذا جاءت الفاء العاطفة، فهذا يعني أن الجملة التي بعدها معطوفة على ما قبلها، وهذا فيه إشكال؛ لأن الاستفهام له الصدارة، فاختلف النحويون في هذا، فمنهم من قال: إن همزة الاستفهام داخلة على جملة، والفاء عاطفة على تلك الجملة التي هي مدخول الهمزة، وحينئذٍ يكون الاستفهام له الصدارة.

لكن بماذا نقدر هذه الجملة؟ نقول: باعتبار السياق، انظر المناسب للسياق وقدره، وكل سياق له ما يناسبه، فمثلًا قوله: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ}، كيف نقدر الجملة؟ استكبروا أو أيستمرون أو أيطيعون فلا يتوبون إلى الله، هذا على القول بأنها للتوبيخ، لكن على القول: بأنها للعرض، يقدر فعل يدل على جود الله وكرمه، مثلًا: أَغَفَلُوا عن كرم الله وجوده فلا يتوبون، وقال بعض النحويين: إن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، وأن الأصل أن الفاء مقدمة على الهمزة، والتقدير: فئلا يتوبون، وتكون الهمزة هنا في صدر جملتها المعطوفة على ما سبق، وهذا لا شك أنه أهون على الإنسان من جهة التقدير، لأنه قد يصعب على الإنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>