للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثالث: الإقلاع عن المعصية: لأن من قال: إنه تائب وهو مصر على المعصية، فهو كالمستهزيء بالله عزّ وجل، كيف تقول: أتوب إليك يا رب وأنت تبارزه بالمعصية؟ هذا غير صحيح، لا بد أن يقلع، فإذا كانت المعصية بأخذ مال، غصبًا أو سرقة أو جحدًا فلا بد من إعادته إلى صاحبه، وإلا فهو كاذب في توبته، إذا كانت التوبة من الغيبة، فلا بد أن يقلع عنها وأن يبتعد عن المجالس المعمورة بها، وإلا فهو كاذب.

لو قدرنا أنه يلزم من إقلاعه أن يستعمل بعض ما كان عاصيًا به، قلنا: لا بأس، وضربوا له مثلًا: برجل قد غصب أرضًا ثم ندم وتاب، وهو الآن في وسطها ويريد أن يخرج الجرافات والحفارات وغيرها، فهو في هذه الحال في وسط الأرض لا بد أن يستعملها، لا بد أن تمشي عليها الحفارات والجرافات وغيرها، فهل نقول: إن عمله الآن معصية، أو لا؟

الجواب: لا، هذا ليس بمعصية، بل هذا طاعة؛ لأنه يستعمل هذا ليتخلص منه، ولذلك تجد الواحد منا يستنجي ويمس النجاسة بيده، ولا نقول: إنه آثم ولا نقول إنه فاعل مكروهًا، بل نقول: إنه مأجور ومثاب على ذلك، مع أنه يباشر النجاسة بيده، ليتخلص منها، كذلك لو أن إنسانًا تطيب في إحرامه، والطيب في الإحرام حرام، ثم تاب وندم، وأراد أن يزيله بغسله، فلا بد أن يمسه بيده، فمسه بيده الآن طاعة؛ لأنه للتخلص هذه المعصية.

لو قال قائل: هل يجوز فعل الوسائل المحرمة للوصول للمصلحة كمن أراد إرشاد رجل ولا يتم له ذلك إلا بالجلوس معه في مكان المعصية؟

<<  <  ج: ص:  >  >>