للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغالب أن الغالي ينحرف -نسأل الله العافية- لأن الغلو خلاف الفطرة، فيكون غلوه ظاهريًّا فقط، ويكون قلبه خاليًا من حقيقة الإيمان، ولهذا أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الخوارج يحقر الصحابي صلاته عند صلاتهم وقراءته عند قراءتهم (١)، ولكن إيمانهم لا يتجاوز حناجرهم والعياذ بالله، والغالب أن الغالي تجد قلبه يجول مع الناس وأفعال الناس وينتقدهم ويعترض عليهم، لكنه خال من معرفة الله حق المعرفة، ومن الرجوع إليه والإنابة إليه، فاحذر هذا، احذر هذا يا طالب العلم، كن مستقيمًا بين الغلو والتفريط.

الفائدة الرابعة: أن الغلو ليس بحق: لقوله: {غَيْرَ الْحَقِّ.

الفائدة الخامسة: النهي عن اتباع أهواء الضالين، لقوله: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا}.

الفائدة السادسة: أن الذي يحمل الإنسان على الضلال هو الهوى، وإلا لو كان الإنسان يقول بالعدل، ويحكم بالقسط، ما ضل عن الصراط المستقيم، لكن يغلبه هواه حتى يضل، ولهذا قال: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا} ثم بَيَّنَ ضلالهم بأنه {عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}.

الفائدة السابعة: التحذير من الإمامة في الضلال، لقوله: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا} وماذا؟ {وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}.

الفائدة الثامنة: الرد على الجبرية الذين قالوا: إن ضلال الإنسان لا ينسب إليه، وأنه مجبور عليه، ولا اختيار له فيه؛ لأن الآية صريحة بأنهم ضلوا وأضلوا.


(١) تقدم في (١/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>