للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينهى عنه، فلا يجوز الأمر بما لا يعلم أنه مأمور به، ولا النهي عما لا يعلم أنه منهي عنه، لما في ذلك من الافتراء على الله، وصد عباد الله عما أحل الله لهم أو منعهم عما أحل الله لهم.

الشرط الثاني: أن يعلم وقوع هذا المنكر من الشخص المعين؛ لأن الشيء قد يكون منكرًا عند شخص، وغير منكر عند آخر، فالمسافر يأكل سرًّا وجهرًا في نهار رمضان، والمقيم لا يأكل، فالأكل منكر في رمضان عند المقيم وغير منكر عند المسافر، فلا بد أن يعلم الآمر والناهي أن هذا الشخص بعينه وقع في المخالفة، ومع الاحتمال يجب الاستفصال، دليله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا دخل المسجد وجلس، وهو يخطب الناس عليه الصلاة والسلام، فقال له: "أصليت؟ " قال: لا، قال: "قم فصلِّ ركعتين وتجوز فيهما" (١)، فلم ينهه عن المنكر الذي هو الجلوس قبل الصلاة حتى علم أنه لم يصلِّ، وعلى هذا لو قال قائل: هل يجب عليّ أن أنكر على شخص رأيته يمشي إلى جانب امرأة؟

الجواب: لا أنكر حتى أعلم أن المرأة أجنبية منه، وكيف الوصول إلى العلم؟ كل إنسان تريد أن تسأله ولو كان من أفسق عباد الله، سيقول: هذه أختي أو أمي أو زوجتي، لكن هناك قرائن تدل على أنه مرتكب محرمًا.


(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب إذا رأى الإمام رجلًا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين، حديث رقم (٨٨٨)، ومسلم، كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، حديث رقم (٨٧٥) عن جابر بن عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>