ودليل الفعلية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشهد الله على إقرار الأمة بأنه بلغ فيرفع إصبعه إلى السماء ويقول:"اللهم اشهد"(١)، أما القول: فلا يحصى.
وأما دلالة العقل على علو الله، فكل إنسان عاقل يعرف أن العلو صفة كمال، سواء أكان معنويًا أم حسيًا، والله تبارك وتعالى يقول:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}[النحل: ٦٠]، والعقل يدل على أنه يجب أن يكون للمعبود المثل الأعلى.
أما الفطرة فحدِّث ولا حرج، تجد النساء والأطفال الذين لم يدرسوا يشهدون بفطرهم أن الله تعالى فوق وأنه عالٍ، ولا يمكن أن يحيد عن هذه الفطرة إلا من أزاغ الله قلبه والعياذ بالله.
بقي الإجماع، إجماع المسلمين قبل أن يحدث هذا الخلاف، فإنه ما من أحد منهم قال: إن الله ليس في السماء أبدًا، لا تصريحًا ولا تلميحًا، وكما قال شيخ الإسلام رحمه الله: هذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وهذه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الآثار عن الصحابة، ليس فيها حرف واحد يدل على أن الله في كل مكان أبدًا، ولكن من يضلل الله فلا هادي له.
والعجب أنه يوجد من المسلمين مَنْ يؤمن بأن الله في كل مكان -نسأل الله العافية- ولا أدري كيف يستسيغ الإنسان أن يقول: إن الله في كل مكان، وهو يعرف أنه سوف يدخل المرحاض وبيت الخلاء، فهل يمكن لإنسان عنده مسكة عقل أن يعتقد مثل هذا، لا والله، لكن ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، فلا يهتدون، نسأل الله العافية.