للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و {الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} هي المفعول الثاني، أو العكس؟ الأول أشد، يعني لو سألت عن أشد الناس عداوة لوجدتهم اليهود والذين أشركوا، إذًا نقول: {أَشَدَّ} هي المفعول الأول، وهي في محل مبتدأ؛ لأن وجد تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، فحينئذٍ يكون المعنى الإخبار عن أشد الناس عداوة، وإذا جعلنا أشد مفعولًا ثانيًا مقدمًا صار المعنى الإخبار عن اليهود والذين أشركوا أنهم أشد الناس عداوة، لكن المعنى الأول أشد وأعظم.

وقوله: {أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً} العداوة ضد الولاية، قال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤)} [فصلت: ٣٤]، أي: صديق مخلص.

وقوله: {لِلَّذِينَ آمَنُوا} يعني: بذلك المؤمنين في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا إذا جعلنا الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإن جعلناه للعموم فالمراد الذين آمنوا في كل وقت.

وقوله: {الْيَهُودَ} هم الذين يدَّعون أنهم أتباع موسى، ويقولون: نحن شعب الله المختار، ويحتقرون من سواهم من الشعوب، وقد عرفوا بالاستكبار والتعالي والتعجرف حتى على رسولهم موسى عليه الصلاة والسلام، سموا يهودًا قيل: إنه مأخوذ من قوله تعالى: {الَّذِينَ هَادُوا} [المائدة: ٤١]، وقولهم: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٥٦]، وقيل: إنه اسم لجدهم، وأن اسمه يهوذا، ومع التعريب صارت الذال دالًا، وأيًا كان فهم معروفون، هم طائفة من بني إسرائيل يدَّعون أنهم متبعون لموسى عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>