للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} الذين أشركوا من العرب وغيرهم، فهذان الصنفان من بني آدم هم أشد الناس عداوة للمؤمنين، أما اليهود فوجه عداوتهم، أنهم حسدوا العرب؛ لكون الرسالة العامة الخالدة فيهم، وكان اليهود من قبل يستفتحون على الذين كفروا، ويقولون: سيبعث نبي ونتبعه وننتصر عليكم، ولما بعث محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - من العرب حسدوهم، وأنكروا ذلك، أما الذين أشركوا فهم المشركون، وصاروا أشد الناس عداوة؛ لأنهم ضد التوحيد، والمؤمنون موحدون، والمشرك يبغض الموحد، ويكرهه، ويراه أنه أشد الناس عداوة له.

قوله: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} {لتجدن}: نقول فيها ما قلنا في الأولى، أي: نقول في إعراب "أقرب" ما قلنا في أشد، وهنا قال: {أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً} ولم يقل: أشدهم مودة؛ يعني ليس عندهم مودة لكنهم قريبون، يعني أن الله عزّ وجل قال في اليهود أنهم: {أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً}، لكن هؤلاء قال هنا: {أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً}، ومعلومٌ أن القرب ليس هو الوصول، فهم ليس عندهم مودة للمؤمنين أعني: النصارى، لكنهم أقرب من غيرهم مودة، ولو كان عندهم مودة لقال: أشد الناس مودة أو ما أشبه ذلك.

وقوله: {مَوَدَّةً} المودة من الود وهو: خالص المحبة، ومن أسماء الله تعالى الودود، بمعنى الوَادّ وبمعنى المودود.

وقوله: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى}، النصارى في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام قريبون من المؤمنين، ولذلك أسلم منهم خلق كثير، وممن أسلم ملك الحبشة رحمه الله، فإنه آمن

<<  <  ج: ص:  >  >>