فإذا قال قائل: هل نقول: إنه لا بد أن يجتمع الكفر والتكذيب؟
الجواب: لا، إذا وجد الكفر ثبت الجزاء، وإذا وجد التكذيب ثبت الجزاء.
ولذلك لو قال قائل: الصلوات الخمس غير مفروضة، ولا أصدق أنها مفروضة ولكني أصلي، لا تفوتني الصلاة أبدًا، ماذا نقول فيه؟ كافر؛ لأنه مكذب، فالجمع بينهما ليس بشرط، بل إذا وجد أحدهما ثبت الحكم.
وقوله:{بِآيَاتِنَا} يشمل الآيات الكونية والآيات الشرعية، فمن ادعى أن مع الله خالقًا فهو مكذب بالآيات الكونية، ومن أقر بالخالق لكن لم يقبل شريعته، فهو مكذب بالآيات الشرعية، وقد يوجد من يكذب بهما جميعًا، ومن كذب ببعض وصدق ببعض فهو كافر؛ لأن الله يقول:{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا}[النساء: ١٥١].
وقوله:{أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} اسم الإشارة هنا للبعد أم للقرب؟ للبعد لكن البعد قد يكون بعدًا سفولًا، وقد يكون بعدًا عُلُوًا، فإذا كان البعد مشارًا به إلى عالي المرتبة فهو بُعْدُ عُلُوٍ، مثل قوله تعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: ١ - ٢]، فالقرآن بين أيدينا الآن ليس ببعيد، لكن لعلو مرتبته وشرفه أشار إليه بإشارة البعيد، وقال تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣)} [الزمر: ٣٣] , فأشار إليهم إشارة البعد، لعلو منزلتهم، في هذه الآية:{أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} أَيُّ: البعدين أراد؟ أراد السفل، أي: البعد سفولًا.
وقوله:{أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} اعلم أن الله إذا ذكر أصحاب