للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (١)، فجعل للإحسان مرتبتين:

الأولى: أن يعبد الله كأنه يراه، وهذه عبادة رغبة؛ لأن الشيء الذي تراه ترغب فيه وتطلبه، "فإن لم تكن تراه" يعني: إن لم تصل إلى هذه الحال، "فإنه يراك" أي: فاعبده خوفًا منه وهربًا من عقابه، فجعل النبي عليه الصلاة والسلام للإنسان هاتين المرتبتين.

أما الإحسان إلى عباد الله: فهو بذل المعروف لهم بالمال والبدن والجاه وغير ذلك، فمن أعطاك درهمًا فهو محسن، ومن بَشَّ في وجهك وأدخل السرور عليك فهو محسن، ومن شفع لك في أمر فهو محسن، إذًا: الإحسان يكون في عبادة الله ويكون في معاملة عباد الله.

ولما ذكر الله عزّ وجل جزاء هؤلاء المحسنين قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (٨٦)}، والقرآن الكريم مثاني تثنى فيه المعاني، إذا ذكر ثواب المحسنين ذكر ثواب المسيئين، وإذا ذكر ثواب المسيئين ذكر ثواب المحسنين، ليبقى الإنسان بين الرغبة والرهبة.

وقوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا} كفروا بالأمر وكذبوا بالخبر، كفروا بالأمر فلم يقوموا بطاعة، ولم ينتهوا عن معصية، وكذبوا بالخبر فلم يصدقوا، فمن أنكر البعث فهو مكذب، لكنه كافر فهو مكذب وكافر، قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: ٧]، ومن لم يصلِّ فهو كافر.


(١) تقدم في (١/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>