للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الخامسة: أن كل حكم له سبب، وهذا مطرد، فكل حكم شرعي أو قدري فله سبب، لكن من الأسباب ما يعلم ومن الأسباب ما لا يعلم؛ لأن الله تعالى لم يطلعنا على كل شيء، لقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ} إلى آخره.

الفائدة السادسة: حسن تعليم الله عزّ وجل في كتابه العزيز؛ لأنه إذا ذكر الحكم ذكر العلة أحيانًا، فهنا ذكر حكمًا قدريًّا، وهو قرب النصارى من مودة المسلمين، هذا حكم قدري وذكر له علة، وذكر الله سبحانه وتعالى أحكامًا شرعية كثيرة مقرونة بحكمه، مثل قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢]، وقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]، أي: هذا المطعوم، وغلط من قال: إنه عائد على لحم الخنزير، لأننا إذا أعدنا آخر الكلام على أوله فأوله: إلا أن يكون ذلك المطعوم، ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير، فإنه أي: المطعوم رجس، وليس عائدًا على لحم الخنزير.

المهم أن من حسن تعليم الله عزّ وجل أنه إذا ذكر الحكم ذكر العلة سواء كان الحكم قدريًّا أو كان شرعيًّا، وكذلك في السنة أحيانًا تذكر العلة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا طلحة فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس (١).


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، حديث رقم (٣٩٦٢)، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، حديث رقم (١٩٤٠) عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>