للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة السابعة: أن قرب مودة النصارى للمؤمنين، له أسباب:

أولًا: أن منهم قسيسين ورهبانًا، فيستفاد من هذا: أن العلم نافع حتى لغير المسلمين، وكذلك العبادة ترقق القلب، أما الأول فيؤخذ من قوله: {بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ}، وأما الثماني فيؤخذ من قوله: {وَرُهْبَانًا} لأن الراهب إنما سلك هذا الطريق، يريد رضا الله، فليس مستكبرًا، ولكنه طالب لرضا الله، فهو إذا تبين له فإنه يكون من أقرب الناس إلى العمل به.

الفائدة الثامنة: أن بني آدم ينقسمون إلى علماء وعباد، لكن هل يمكن أن يكونوا علماء عبادًا؟ نعم وبكثرة، لكن من الناس من يغلب عليه العلم، ومن الناس من يغلب عليه العبادة، أعني الذين يتصفون العلم والعبادة، منهم من يغلب عليه جانب العلم، فتجده دائمًا في بحث وفي تحقيق وفي مراجعة، ومنهم من يغلب عليه العبادة، ولهذا تجد في تراجم العلماء رحمهم الله أنهم إذا ترجموا لبعض العلماء قال: وكان كثير العبادة، فأيهما أفضل في العَالِم، أن يكون كثير العبادة، أو كثير المراجعة؟ كثير المراجعة لا شك أفضل، لكن يجب على كثير المراجعة أن يراجع قلبه، إذا وجد منه قسوة فليشتغل بالعبادة قليلًا؛ لأنه أحيانًا مع كثرة المراجعة والمطالعة والمناقشة، يكون الإنسان كأنه بطل بين صفين، لا يلتفت مثلًا للصلاة والتهجد وما أشبه ذلك، إذا رأيت من نفسك أنها أبعد عن العبادة، فارددها حتى لا تغفل عن العبادة.

لو قال قائل: رجل يقوم آخر الليل لكنه يترك قيام الليل

<<  <  ج: ص:  >  >>