للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجع إلى الحق غدًا" (١) أو كلمة نحوها، بمعنى أنك تتبع الحق أينما كان، فتكون مطواعًا للحق، ذليلًا أمام الحق، وهل هذا الذل أمام الحق يوجب للإنسان أن يكون ذليلًا بين الناس؟

الجواب: ولا نقول: تواضع للعامي، يعني قدم له حذاءه وابسط له ظهرك يركب عليه، لا، لكن لاقيه بوجه طلق وسماحة، بعض الناس حتى من طلبة العلم تجده مع العامي يتكلم بأحد منخريه ليس بكل أنفه، فنقول: تواضع يا طالب العلم، الناس الآن يثنون على الذي يكون متواضعًا، نسمع أنهم يثنون على فلان وفلان لأنه متواضع، لكن ليس معنى ذلك أن تجعل نفسك ذليلًا أمامه، فالتواضع غير الذل، من تواضع لله رفعه الله، ومن تواضع للحق وفق للحق، وعلامة ذلك: أنك إذا بان لك الحق اتبعته فورًا بدون تردد وبدون جدال، إن ترددت أو جادلت فهو خطر عليك عظيم، قال الله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} لماذا؟ {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: ١١٠]، ولذلك إذا بان لك الحق لا تجادل، ولا تحاول أن نذهب يمينًا وشمالًا لتبرر رأيك، فإنك على خطر، وقال عزّ وجل: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)} [ق: ٥]، (مريج) يعني مختلط أي: يختلط عليهم الحق بالباطل، إذ كذبوا بالحق لما جاءهم.

فانتبه لهذه الفائدة وأنت طالب علم، وربما يخالفك من


(١) رواه الدارقطني (٤/ ٢٠٦)، البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١١٩) (٢٠١٥٩)، ولفظهما: (لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل).

<<  <  ج: ص:  >  >>