للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخالفك من الناس بمقتضى الدليل ولكن تريد أن تفرض رأيك، هذا غلط كبير، اتبع الحق أينما كان، يتبعك الناس أينما كنت؛ لأن الناس يطلبون الحق، فإذا رأوا منك أنه متى بان لك الحق رجعت، رجعوا، إذًا: التواضع للحق هو في الحقيقة علو، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من تواضع لله رفعه" (١)، وضد ذلك الاستكبار، الاستكبار والعياذ بالله يوجب أن لا يقبل الحق ولا يتبع.

الفائدة الحادية عشرة: فضيلة هؤلاء القوم الذين يؤمنون بالرسول عليه الصلاة والسلام، وأنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع، ولا شك أن فيضها من الدمع دليل على الإيمان والتصديق والتأثر؛ لأن الإنسان كلما آمن فإنه يزداد خشوعًا، الآن إذا ذكرت آباءك وإخوانك وأصدقاءك الذين ذهبوا، وماتوا، ربما تبكي أكثر مما لو ذكرت شيئًا آخر يؤمن به؛ لأن هؤلاء أدركتهم إدراكًا حسيًّا، فالإيمان كلما قوي صار المؤمن كأنما يشاهد الشيء بعينه، فيزداد إيمانًا وخشوعًا وبكاءً.

الفائدة الثانية عشرة والثالثة عشرة: أن القرآن نزل من عند الله لقوله: {مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ}؛ لأن هذا مبني لما لم يسمَّ فاعله؛ لأن فاعله معلوم، وهو الله الذي أنزله، ويتفرع على هذه الفائدة: أن القرآن كلام الله، وهو كذلك، تكلم به الله سبحانه وتعالى حقيقة، تكلم به على وجهٍ مسموع، سمعه جبريل، وهو أمين قوي، نزل به على قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فوعاه وعقله، حتى قال له ربه عزّ وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦)


(١) رواه الطبراني في الأوسط (٨/ ١٧٢) (٨٣٠٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (٦/ ٢٧٦) (٨١٤٠) عن عمر بن الخطاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>