والتباكي غير البكاء المصطنع، بعض الناس لا يبكي بل يجعل صوته كأنه يبكي، وليس التكحل بالعينين كالكحل، وبكاء آخر من لين القلب، هذا هو المفيد؛ لأنه صادر من القلب ومن الإيمان.
الفائدة السابعة عشرة: أن تأثر هؤلاء إنما كان بسبب معرفتهم الحق، ولهذا قال:{مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ}: والإنسان كلما علم بالحق ازداد إيمانه به وازداد تأثره به.
الفائدة الثامنة عشرة: الثناء على هؤلاء الذين آمنوا بما أنزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بأنهم يعلنون الإيمان:{يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا} لا يخفون إيمانهم؛ لأنهم مؤمنون، والمؤمن حقًّا يعلن إيمانه، لا سيما إذا كانوا قسيسين ورهبانًا لأنهم قدوة للناس لقوله:{يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا}.
الفائدة التاسعة عشرة: اعتراف الأمم بأن هذه الأمة هي الشاهدة على الأمم، لقوله:{فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} وهم أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة: ١٤٣].
تقدم أن التفسير له أربعة مراتب: المرتبة الأولى: تفسير القرآن بالقرآن، والثانية: تفسير القرآن بالسنة، والثالثة: تفسير القرآن بأقوال السلف، والرابعة: التفسير بمقتضى اللغة العربية.
والآن نتكلم على النسخ، فلو قال قائل: هل يمكن أن يقع النسخ في القرآن أو لا؟
الصحيح أنه يمكن النسخ، لكن الآيات التي هي أصول الدين لا يمكن أن تنسخ، فالنسخ واقع، وهذا هو ما عليه جمهور الأمة، ولا يعنينا أن ينكر ذلك من ينكره، فاليهود مثلًا قالوا: لا